لماذا التفلسف (أهمية الفلسفة)

لماذا ينبغي أن يكون الإنسان مهتما بالفلسفة؟ ألا تناسب الفلسفة الحمقى فقط؟ هل تبدوا الفلسفة ضربا من العبث الأكاديمي و الإرهاق الفكري في سبيل الحصول على قدر من المعرفة الذي لا يمكن الحصول عليه؟ هل التفلسف محض أوهام من الماضي و انعكاس لرغبات المرء من خلال التمني و الافتراض الجدلي قبل أن تقضي العلوم الصحيحة و الرياضيات على هذا المنهج؟

يمكن أن نختصر الإجابة عن سؤال لماذا التفلسف و لا سيما في جانب دحض الأطروحة القائلة بأنه عبث فكري لا طائل منه بلا لأنه ببساطة هذه الأفكار المسبقة عن الفلسفة عارية عن الصحة.

الأسباب التي تجعل الفلسفة مهمة.

يقوم جميع البشر بتوجيه حياتهم حول جملة من الأفكار تحوم حول مثل و مبادئ يعتقدون أنها تشرح تجاربهم في الحياة و ماهية الواقع الذين يعيشون فيه حيث تقوم هذه الأفكار بتوجيه السلوك البشري. المدرسة الأولى لهذه الأفكار هي النزعة الميتافيزيقية أما الثانية فهي النظرية الأخلاقية أو القيمية.
يبدو أن البشر بحاجة إلى الأفكار الميتافيزيقية و الأخلاقية لأنهم لا يولدون مع الغرائز التي تحدد لهم ما يجب أن يفكروا فيه لكن يولدون مع القدرة التي تخول لهم تطوير نمط التفكير الخاص بهم و التساؤل حول المعتقدات و الآراء التي اكتسبوها، و من الجليّ أن معظم الأفكار التي استخدمت لشرح كافة التجارب الإنسانية مغلوطة و لا أساس لها كما من الجليّ أيضا أن هذه الأفكار قد استخدمت لخدمة أطراف أخرى سعت وراء مصالحها.

من ناحية أخرى فإن من المسلم به أنه مهما كانت قدرة الإنسان على فهم ذاته و الآخر و البيئة المحيطة به فإن هذه القدرة مبنية على طرح مجموعة من التساؤلات العلمية و الفلسفية لذلك فلا مناص من طرح هذا النوع من الأسئلة في محاولة لفهم الذات و الوجود. جميع الأفكار التي تحوم حول الفلسفة و العلم بما فيها تلك التي تحمل بين طياتها إدانة أو سخرية من المنهج العلمي أو الفلسفي هي في حد ذاتها أفكار فلسفية حيث أن الأسباب التي تتحكم في حياة البشر و فنائهم و تجرهم في بعض الأحيان إلى الصراع أو تشكل مصدر إلهام عظيم هي أفكار فلسفية فحياة المرء و الخيارات التي ينتهجها هي نتاج لفلسفته الخاصة في الحياة سواء إن كان واعيا بهذه الحقيقة أم أنكرها.
يرى ريموند أرون أن جزءا كبير من تاريخ القرن العشرين “قرن من الحروب الشاملة” هو نتاج لتشكل أفكار فلسفية و أطروحات تبنتها نخبة من ألمع المفكرين على مر التاريخ فقد تحكمت الشيوعية الماركسية في حياة أكثر من مليار نسمة و أدت الفاشية إلى تدمير حياة الملايين من الناس بعد أن تسببت في اندلاع الحرب العالمية الثانية و قد لقيت هذه الأفكار معارضة شرسة باسم الليبرالية و الديمقراطية التي تعد هي الأخرى إما مدارس فكرية قائمة الذات أو أفكار مستمدة من نظم فلسفية أكثر شمولية.
ربما يعتبر البعض أن ماركس و نيتشه و غيرهم قد عانوا من حياة فاشلة مفنين أعمارهم في التنظير إلا أن أفكارهم قد أثرت بشكل واضح في مجريات أحداث القرن العشرين بعد أن تبنتها أنظمة سياسية و صار لها أنصار من رجال السياسة و الجيش تحكموا في مصير الملايين من البشر.

التساؤلات الفلسفية

إن الفلسفة مرتبطة بشكل أساسي بالإشكالات التي أثارتها مثل:
المنطق: أسس و مبادئ المنطق السليم.
العلم: أسس المعرفة العلمية و التكنولوجية.
اللغة: العلاقة التي تجمع بين اللغة و الفكر الإنساني.
المعنى: ماهية المعنى و كيفية تمثيل الأشياء و بناء النظم الرمزية للتواصل.
الأخلاق: ماهية الأخلاق و أسس الحكم على التصرفات البشرية بكونها سليمة من عدمه.
الجمال: ما الذي يجعل الأشياء جميلة.
النفس: السعي وراء معرفة الذات و تحديد كيانها أو محاربة هذا الوهم.
الإرادة الحرة : ماهية الحرية و كيف يكون البشر أحرارا في تصرفاتهم مع تحديد حجم المسؤولية إزاء كل تصرف.
الموت: هل يمثل الموت الحقيقة النهائية التي لا تقبل الجدال و قمة المعرفة الكلية و لماذا نشعر بالرهبة إزاء هذه المعرفة.
السعادة: ماهية السعادة و ما الدافع ليكون البشر سعداء أو بحال جيد.
الحياة الجيدة: ما ينبغي للبشر أن يفعلوه و يجتنبوه للحصول على حياة جيدة.
المجتمع الصالح: دور العلاقات الاجتماعية و البناء المجتمعي في تحقيق حياة جيدة للبشرية جمعاء.

إن العديد من الإشكالات المطروحة و المثارة من قبل الفلسفة قد أعيد طرحها من قبل العلوم الإنسانية بيد أن هذا الأمر لا يغير شيئا من حقيقة أن البشر هم نتاج آرائهم و تصوراتهم الفلسفية، ما تغير في الأمر هو الانطلاق من الفلسفة إلى محاولة إثارة هذه الإشكالات في قالب معرفي متخصص تعالجه بعض العلوم الإنسانية مع محاولة دمج المعرفة المتخصصة التي تنتجها العلوم المختلفة في غرض واحد شامل للواقع و الإنسانية.

الإيديولوجية والدين و الفلسفة

الفلسفة أو بعبارة أدق تجلياتها في نسق الحياة اليومية في شكل عقيدة سياسية أو دينية تقوم في الحقيقة بقيادة و توجيه السلوك البشري من خلال تحديد خيارات المرء و توجهاته، فقد تم في القرن الماضي قتل الملايين من البشر و إرسال مثلهم إلى معسكرات الاعتقال من قبل نظم تتبنى الفكر الشيوعي أو الفاشي أو غيره.
عادة ما يكون الإنسان العملي سواء كان قد مارس القتل باسم الفلسفة أو كان بدوره ضحية نظم اجتماعية طائشة في نفس الوضعية مع الفيلسوف في عالم تحكمه قواعد عامة تحدد ماهية الوجود و أنساق السلوك البشري إلا أن هؤلاء يعدّون أقل وعيا بهذه الحقيقة لكن في أية حال من الوهم الاعتقاد أن الفلسفة تعدّ حكرا على النخبة الفكرية دون سواهم و لا شأن للعامة بها حيث أن كل ما يحدث في المجتمع من تغيرات و محددات للسلوك الإنساني تقوم على أسس فكرية و فلسفة متينة منذ بداية تطور الوعي البشري.

جميع البشر في حاجة ماسة إلى إجابة هذه التساؤلات لكن لا تستطيع العلوم منفردة كل على حدة أن تقدم أجوبة مقنعة، على أن هذه الأسئلة يجب أن تلقى ردا بطريقة أو بأخرى من قبل جميع البشر و هذا هو بالتحديد دور الفلسفة.
أيضا، من المهم أن ندرك أن الفلسفات التي أثرت بشكل واضح في أحداث القرن العشرين على غرار الشيوعية و الفاشية شكلت على الأقل من الناحية العملية أوهاما خطيرة و في الواقع، ينطبق الشيء ذاته على بعض الأفكار النابعة من الأديان التي ترتكز على آراء متعصبة و رافضة بالخصوص للعقائد المخالفة.

دراسة الفلسفة

تهدف الفلسفة إلى إرساء نظرة عامة للحياة ترتكز على المعرفة الطبيعية و الأخلاقية و تتمثل قيمتها في الوضوح الفكري و الصفاء العقلي الذي تحققه إزاء إثارة التساؤلات السابقة و محاولة الغوص في عمقها مثلما تقاس قيمة العلم من خلال حجم الأسئلة و الظواهر التي يمكنه تفسيرها.
و على الرغم من أن العقل البشري الفردي يعدّ أساس الحضارة الإنسانية إلا أن الحضارة ذاتها تعدّ نتاجا لأفكار ساهمت مختلف العقول في تطويرها، فالإنسان لا يمكنه الإجابة بمفرده عن هكذا تساؤلات مهما ارتقى في درجة الوعي، فالحقيقة يتم التوصل إليها من خلال جهود فكرية جماعية على مر التاريخ.
تهدف حالة التأمل الفلسفي ببساطة إلى محاولة إيجاد مبررات لبعض أنساق السلوك البشري و الربط بينها و بين ظواهر أخرى مع الخروج بخلاصة فكرية تتمثل في جملة من الأفكار و الأطروحات التي توجه السلوك البشري
جميع البشر بحاجة إلى التفلسف لأنهم ببساطة بحاجة إلى ترويض عقولهم و تدريبها على هذا النوع من الأسئلة المعقدة لمحاولة فهم الوجود و النأي بهم عن السلوك الحيواني القائم على إتباع الغرائز لذلك ينبغي أن نأخذ دراسة الفلسفة على محمل الجد.

كرأي شخصي للكاتب، لا أنصح بمسار أكاديمي لدراسة الفلسفة فالفلاسفة الحقيقيون نادرا ما حملوا خلفية أكاديمية و ممارسة الفلسفة الحقيقية عادة ما تكون متعبة و غير مجزية باعتبار أن الفيلسوف يتصيد الثغرات في الأنظمة الاجتماعية و يقع في المشاكل لهذا السبب و قد عانى الفلاسفة على مر التاريخ في سبيل آرائهم فلك أن تطالع تاريخ سقراط و بوذا و غاليليو و ديكارت و سبينوزا و ماركس و نيتشه و غيرهم. و لئن أثر الفلاسفة في مجرى التاريخ بأفكارهم إلا أنهم عادة ما كانوا إما صامتين أو في ورطة لأنهم تجرؤوا و جاهروا بما لا يرضي معاصريهم لا سيما من العامة من الأفكار و المعتقدات. فإن أردت أن تخالف وجهة نظري فتلك فلسفتك الخاصة!

محطات من تاريخ تطور الفلسفة


إن تاريخ الفكر الإنساني هو تاريخ تطور هذا الفكر , و الفلسفة باعتبارها شكلا من أشكال الفكر الإنساني عرفت هي الأخرى تطورا , بل تطورات خلال تاريخها , و خلال هذه التطورات كانت الفلسفة تعكس اهتمامات و انشغالات البيئات التي ظهرت داخلها , لذلك جاءت أفكار و تصورات و مفاهيم الفلاسفة متمايزة و مختلفة و ذلك لأن كل فلسفة هي إجابة على أسئلة عصرها , فالفلسفة اليونانية في بدايتها كانت في مواجهة التساؤل الأنطولوجي ( المتعلق بالبحث في الوجود ) و هذا راجع لكون اليونانيين كانوا منشغلين بالبحث في الطبيعة و إيجاد أسبابها و عللها
إن الفلسفة لم تعرف مسارا أو اتجاها واحدا, و لكنها عرفت مسارات و اتجاهات متباينة, فكان تاريخها هو تاريخ التعدد و التنوع و الاختلاف , و هذا المظهر لا يظهر بين فلسفة و أخرى, بل يظهر داخل الفلسفة الواحدة
و إذا كنا قد أبرزنا أن الفلسفة تاريخا, فما هي المحطات أو اللحظات الكبرى لهذا التاريخ ؟
يمكن و بإيجاز أن نقدم هذه الخطاطة التي تعكس التطور العام للفلسفة عبر التاريخ, و هي على النحو التالي : 
المرحلة القديمة ==< نشأت الفلسفة اليونانية في القرن 6 ق.م
مرحلة العصور الوسطى ==< انتقال الفلسفة إلى أوروبا و العالم الإسلامي من القرن 5 إلى 15م
المرحلة الحديثة ==< ارتباط الفلسفة الأوروبية بالعلم في القرن 17م
المرحلة المعاصرة ==< ابتدأت من الفرن 19 إلى يومنا هذا
انطلاقا من هذه الخطاطة, يمكن القول أن الفلسفة شهدت محطات أو لحظات كبرى خلال تطورها, و لم يكن الانتقال من لحظة لأخرى مجرد انتقال في الزمان و المكان, و لكنه انتقال في فضاء الفكر و اللغة, فما هي طبيعة هذه المسارات التي قطعتها الفلسفة ؟
تحليل نص بن رشد
موضوع النص
يتناول هذا النص موضوع العلاقة بين الدين و الفلسفة أو بين الحكمة و الشريعة, كما أن هذا النص يتناول في نفس الوقت موقف الدين من الفلسفة
إشكال النص
يطرح هذا النص إشكالا فلسفيا متعلقا بمسألة العلاقة الموجودة بين الدين و الفلسفة و كذا مسألة رأي الدين في الفلسفة, و هما مسألتان يمكن التعبير عنهما بالتساؤلات الآتية
أية علاقة بين الفلسفة و الدين , هل هي علاقة انفصال و قطيعة, أم هي علاقة ترابط و اتصال ؟
ما هو موقف الدين من الفلسفة ؟
هل الدين يحرم فعل الفلسفة ؟
أم هل الدين يدعو إلى التفلسف و يأمر به ؟
موقف صاحب النص
انطلق ابن رشد في أطروحته من تعريف الفلسفة و بيان مقصدها, فاعتبرها نظرا في الموجودات يهدف إلى معرفة حقيقة الخالق
لقد أبرز ابن رشد أيضا أن الشريعة تدعوا, بل تحث على النظر في الموجودات و على استخدام العقل, و في الأخير أكد ابن رشد أن الفلسفة لا تتعارض مع الدين بل إنهما متصلان و متوافقان, لأنهما معا حق
مفاهيم النص
يشتمل هذا النص الرشدي على مجموعة من المفاهيم التي تختلف من حيث دلالتها, و يمكن في هذا المجال أن نميز بين حقلين دلاليين مختلفين
الفلسفة: كحقل دلالي
الدين: كحقل دلالي آخر
في الحقل الأول يمكن إدخال مفاهيم: التفلسف, الاعتبار, القياس, البرهان, الحق. أما مفاهيم: الندب, الشرع, الشريعة, الخالق, الوجوب, القياس الشرعي, فهي مفاهيم تنتمي إلى حقل الدين. وبين الحقلين توجد مفاهيم مشتركة مثل: الحق, القياس
تعليق حول النص
إن هذا النص يمثل مرافعة نقدية أراد من خلالها ابن رشد الدفاع عن الفلسفة وإثبات مشروعيتها, و ابن رشد في هذا إنما أراد أن يرد الاعتبار للفلسفة أي إلى العقل, و هذا ليس بشيء غريب عند فيلسوف تزود من معين الفلسفة اليونانية خاصة في ملامحها العقلانية مع بعض الفلاسفة أمثال : أرسطو
الفلسفة في العصور الحديثة
شهد الفكر الفلسفي ولادة جديدة خلال العصر الحديث, فظهرت الفلسفة الحديثة لتعكس بقضاياها الاهتمامات التي شغلت بال المفكرين خلال هذه الفترة. فما هي القضايا التي انشغلت بها هذه الفلسفة
تحليل نص ديكارت
سؤال النص
يطرح هذا النص سؤالا ضمنيا هو : ما هي الطريقة الصحيحة للوصول إلى معرفة جميع الأشياء ؟
إن ديكارت من خلال هذا السؤال يطرح مشكلة ذات طبيعة منهجية, فالسؤال هنا سؤال يتعلق بالمنهج, أي بالطريقة التي تؤمن عملية المعرفة و تصون و تحمي الذات من الوقوع في الأخطاء
رأي صاحب النص
انطلق ديكارت من الإقرار بضرورة اتخاذ الحيطة و الحذر و عدم التسرع في إصدار الأحكام التي لم تستمد من العقل, و لقد اعتبر ديكارت على أن الوصول إلى معرفة جميع الأشياء يتطلب امتلاك طريقة أو منهج, و لقد انتهى ديكارت من خلال دراسته لعدد من العلوم و الفلسفة إلى استنباط أربعة قواعد منطقية هي :
قاعدة الشك في ما هو غير واضح
تقسيم المشكلات إلى أجزاء
ترتيب الأفكار من البسيط إلى المركب
قاعدة الإحصاء و المراجعة الشاملة للنتائج
تعليق حول النص
يعكس هذا النص اهتماما من بين الاهتمامات التي انشغل بها ديكارت و المتعلقة بمسألة المنهج, حيث أنه اعتبر أن الوصول إلى الحقيقة لا يمكن أن يتم إلا إذا تسلح العقل بمنهج يعصمه من الوقوع في الأخطاء
تحليل نص لبرتراندر راس
سؤال النص
يطرح هذا النص سؤالا يتعلق بمهمة الفلاسفة و وظيفة الفلسفة, و يمكن أن نصغ هذا السؤال كالآتي : ما هي الوظيفة التي تقوم بها الفلسفة ؟
رأي صاحب النص
أبرز "راسل" أن مجال العلم يختلف عن مجال الفلسفة, فالعلم يهتم بدراسة الأشياء و الظواهر مثل الآلات و الإنسان و الكواكب, أما الفلسفة فهي تهتم بالتأمل و الاستطلاع و الاستكشاف, إنها عبارة عن مغامرة فكرية. يرى صاحب النص أيضا على أن خطاب الفلسفة يبدأ عندما يغادر الإنسان نطاق العلم, و في نفس الوقت بين على أن هناك علاقة بين الفلسفة و العلم, غير أن العلم عندما يتأسس على قوة متينة, فإنه يستقل عن الفلسفة و يصبح قائما بذاته
يبدو من خلال هذا النص أن الفلسفة المعاصرة من بين ما اهتمت به موضوع العلاقة بين العلم و الفلسفة, و على الرغم من الاختلاف الموجود بينهما, فإنهما في حاجة إلى بعضهما البعض, كما أن الإنسان في حاجة ماسة إليهما معا
استنتاجات
إن النماذج الفلسفية التي استقيناها من تاريخ الفلسفة (طاليس, ابن رشد, ديكارت, برتراند راسل) تجسد اللحظات التاريخية المختلفة التي شهدها الفكر الفلسفي. لقد توصلنا إلى أن كل لحظة من تلك اللحظات عالجت و بطرقة خاصة إشكالا فلسفيا محددا و بلورت مفاهيم فلسفية خاصة, فبالنسبة للفلسفة الإسلامية في العصر الوسيط رأينا كيف أن ابن رشد كان في مواجهة إشكالية محددة هي إشكالية العلاقة بين الدين و الفلسفة, حيث انتهى ابن رشد إلى التأكيد إلى أن لا خلاف بين الدين و الفلسفة, و أن العلاقة بينهما هي علاقة اتصال و انسجام و توافق, و خلال الحقبة الحديثة من تاريخ أوروبا ظهر ديكارت الذي اعتبر أعظم فلاسفة عصره, و قد عالج ديكارت قضايا فلسفية ميتافيزيقية ( الله, العالم, النفس, الإنسان,...), كما أنه عالج قضايا منهجية تتعلق بالبحث عن المنهج السليم المؤدي إلى الحقيقة, من هنا رفع ديكارت شعار الشك باعتباره منهاجا سديدا يؤدي إلى اليقين
و في المرحلة المعاصرة من تاريخ الفلسفة توقفنا عند أحد الفلاسفة الغربيين و هو برتروند راسل الذي طرح قضية العلاقة بين الفلسفة و العلم, مبينا أن الفلسفة تهتم بالبحث في مناطق المجهول, إنها استطلاع أو هي مغامرة استكشافية مطلوبة لذاتها, أما العلم فهو معرفة مرتبطة بالأهذاف العملية ذات صلة بالحياة الإنسانية

نشأة الفلسفة

مدخل:لقد ظهرت الفلسفة لأول مرة في بلاد اليونان القديمة، حوالي القرن 6 قبل الميلاد مع الفلاسفة الذين  ينعتون بالفلاسفة  الطبيعيين، أمثال : طاليس – أنكسمنس – أنكسمندر...
و قد سموا بذلك الاسم لأن تفكيرهم انصب حول البحث في الطبيعة وأصل الكون. و قد ظهرت كلمة <فيلوسوفوس> « philosophos »
لأول مرة مع فيتاغورس الذي يعتبر أول من سمى نفسه فيلسوفا، أي محبا للحكمة و باحثا عن المعرفة. وقد ظهر مصطلح فيلوسوفوس كمقابل لمصطلح <سوفوس> « sophos » ؛ ففيلوسوفوس « philosophos »
هو الفيلسوف الذي يحب الحكمة و يبحث عن الحقيقة أما سوفوس فهو الحكيم الذي يدعي امتلاك المعرفة.
هكذا فالفلسفة في أصلها الاشتقاقي في اللغة اليونانية تعني محبة الحكمة والبحث عن الحقيقة بشكل مستمر دون ادعاء امتلاكها.
و قد ظهرت الفلسفة في الحضارة اليونانية كتفكير عقلاني مقابل التفكير الأسطوري الخيالي الذي كان عند اليونانيين قبل ظهور الفلسفة.
1- فما الذي يميز التفكير الفلسفي عن التفكير الأسطوري؟
2- و كيف كانت البداية الأولى لفعل التفلسف؟
3- و ما هي العوامل التي ساعدت على ظهور الفلسفة في الحضارة اليونانية؟
I – الفلسفة و الأسطورة:
نص لجون بيير فرنان  jean pierre Vernant :
مؤلف النص:
هو جون بيير فرنان Vernant
مؤرخ فرنسي معاصر ، اهتم بالفكر الفلسفي اليوناني و بأصوله. من أهم مؤلفاته <أصول الفلسفة الإغريقية> و <الأسطورة و الفكر عند الإغريق>.
الإجابة عن أسئلة الفهم:
  • يشير النص إلى مجموعة من التقابلات بين الفلسفة و الأسطورة، ويمكن توضيح ذلك من خلال الجدول التالي:

الفلسفة
الأسطورة
- اللوغس logos             
-
ثقافة مكتوبة (ظهر الحروف الأبجدية)
- الدقة في التعبير
- استخدام المفاهيم
- لغة مجردة
- فكر برهاني و استدلالي
- الأفكار العقلية المجردة و الخالصة.  فكر نقدي
- الميثوس   mythos                       
- ثقافة شفوية
- السرد الخيالي
- المحاجة البلاغية
(الأساليب لغوية كالمجاز و التشبيه)
- الآلهة و الأبطال الخياليون و الخرافيون.
- فكر بلاغي و خيالي.
2- لقد ظهرت الفلسفة عند اليونان كنتيجة لتوفر مجموعة من الشروط أو العوامل من أهمها : العامل السياسي الذي تمثل أساسا في انتقال الحكم من النظام الديكتاتوري إلى النظام الديمقراطي، الذي تميز بحرية التعبير و طرح كل القضايا للنقاش العلني.
3- يستعمل اللوغوس logos
 (البرهان القائم على الحجة) و تدل هذه العبارة على أن الفلسفة خطاب يستند إلى الحجة العقلية.
استنتاج:لقد كان ظهور الفلسفة في بلاد اليونان إعلانا عن إحداث قطيعة في التفكير لدى الإغريق، حيث تم الإنتقال من الخطاب الشفوي الأسطوري إلى الخطاب الفلسفي المكتوب  الذي يعتمد على الإستدلال العقلي و إنتاج الأفكار و المفاهيم العقلية المجردة. و قد كان للعامل السياسي دور كبير في بزوغ هذا الفكر الجديد حيث ظهرت الفلسفة في مناخ ديمقراطي عرفته المدينة الدولة، حيث سادت حرية التعبير و أصبحت كل القضايا مطروحة للنقاش الحر و العلني.
الإجابة عن أسئلة الإطار المفاهيم:  
1- شرح فلسفي للمصطلحات التالية :
  •   ميثوس mythos = كلمة يونانية تعني الأسطورة.
  • اللوغس logos    =  كلمة يونانية تعني الخطاب، المبدأ و العقل.
  • خطاب : هو جملة من المنطوفات أو الملفوظات المتسلسلة و المترابطة ترابطا عضويا، و التي تحيل على موضوع محدد، و ترتبط بحقل ثقافي معين.
  • برهان: هو استنتاج يقيني ، أي انتقال من مقدمات يقينية بذاتها إلى نتائج يقينية وفقا لقواعد المنطق و مبادئه.
2- لقد ارتبطت الفلسفة بالكتابة ذلك أن اللغة الفلسفية هي عبارة عن نصوص مكتوبة، فالعلاقة بينهما هي علاقة تكامل؛ إذ أن خصائص النص المكتوب من دقة و إيجاز هي نفسها خصائص اللغة الفلسفية. كما أنها علاقة تضمن؛ إذ كل واحد منهما يشتمل على الآخر و يحتويه.
3- ميثوس و لوغوس     ←     علاقة تضاد.
  - شفوي و مكتوب       ←     علاقة تعارض.
  - الأسطورة و السرد    ←     علاقة تضمن.
  - اللوغوس و الكرهات ←     علاقة تضمن.
  - الإغراء و الجدية      ←     علاقة تنافر.
استنتاج :  لقد ظهرت الفلسفة كتفكير جديد في مواجهة الفكر الأسطوري. فإذا كان التفكير الأسطوري تفكيرا شفويا يعتمد على الإغراء و السرد الحكائي الخيالي، فإن التفكير الفلسفي على العكس من ذلك هو خطاب مكتوب يعتمد على الدقة في التعبير و استخدام الأساليب الحجاجية البرهانية .هكذا فالعلاقة بينهما هي علاقة تضاد و تعارض و تنافر.
ІІ- بداية فعل التفلسف:
  • نص لفريدريك نيتشه : (ص 15 ):
مؤلف النص :
   هو الفيلسوف الألماني فريدريك F. Nietzsche
 (1900 – 1844 ) يعتبر من رواد الفكر الفلسفي المعاصر من أهم مؤلفاته (العلم المرح – أفول الأصنام – هكذا تكلم زرادشت).
- الشرح الإجمالي للنص:   يتناول نيتشه في هذا النص تأمل عبارة طاليس (الماء أصل كل الأشياء)، و يعتبرها فكرة غريبة و مع ذلك يجب التوقف عندها و أخذها مأخذ الجد، و ذلك لثلاثة أسباب رئيسية : الأول : أنها تتناول أصل الأشياء، و الثاني أنها تبتعد عن السرد الخيالي الأسطوري،و الثالث : أنها تتضمن فكرة الكل واحد. و يرى نيتشه أنه بحسب السبب الأول لازال طاليس معدودا على الكتاب الخرافيين، و بحسب السبب الثاني فإن طاليس ينتمي إلى طائفة علماء الطبيعة، أما حسب السبب الثالث فيصبح طاليس أول فيلسوف يوناني .
    و قد بين نيتشه أن التجارب العلمية و لو البسيطة التي كان بإمكان طاليس القيام بها، لم تكن تسمح بالوصول إلى هذه النتيجة المتمثلة
في القول بأن الكل واحد. إنها إذا صادرة عن حدس فلسفي، و هي التي جعلت طاليس بحق أول فيلسوف يوناني.
  • الإجابة عن أسئلة الفهم: 

  • الفكرة الغريبة التي يتحدث عنها النص هي : الماء أصل كل الأشياء. و هناك ثلاثة أسباب جعلت صاحب النص يفسر هذه الفكرة:
  • السبب الأول : أنها  تتناول أصل الأشياء.
  • السبب الثاني : أنها تبتعد عن السرد الخيالي.
  • السبب الثالث : أنها تتضمن فكرة الكل واحد.
  • لقد اعتبر نيتشه طاليس أول فيلسوف لأنه أرجع الكل إلى الواحد عن طريق نوع من الحدس الفلسفي، ولأن التفسيرات العلمية الاختبارية لم يكن بإمكانها إثبات ذلك.
  • تدل عبارة الكل واحد على رغبة الفيلسوف في إرجاع الكثرة الموجودة في الكون إلى عنصر طبيعي واحد هو الماء – الهواء – النار – التربة...
الإجابة عن أسئلة الإطار المفاهيمي :
    • الأصل                  ←  مصدر تكون الأشياء
    • الماء                     ←  عنصر فيزيائي طبيعي.
    • المسلمة                 ←  الفرضية التي ينبني عليها الاستدلال.
    • التحولات الفيزيائية   ←   الصفات التي يتخذها عنصر طبيعي في انتقاله من حالة إلى أخرى.
    • المبدأ                     ←   الأسباب الذي تقوم عليه فكرة ما.
  • العلاقة بين الماء كعنصر طبيعي و الماء كمبدأ هي علاقة انتقال من الحسي إلى المجرد.
خلاصة عامة للمحور الأول:     لقد كانت البدايات الأولى للتفكير الفلسفي عند اليونان في القرن 6 ق م، مع من كان يطلق عليهم اسم الحكماء الطبيعيين أمثال طاليس و هيرقليطس. و قد ساهمت عدة عوامل في ظهور الفلسفة : منها استفادتهم من ثقافات و علوم الحضارات الشرقية القديمة كالفرعونية و البابلية. كما ارتبط ظهور الفلسفة بظهور نظام الدولة المدينة كنظام سياسي ديمقراطي عرف جدلا و حوارا و حرية في التعبير، و استخدام الأساليب الحجاجية البرهانية، أما الأسطورة فهي تفكير شفوي يعتمد على الإغراء و السرد الحكائي.
و قد تجلت بداية الفلسفة في البحث عن مبدأ و أصل الكون. و يعني المبدأ إرجاع ظواهر الكون إلى عنصر منظم و مفسر هو الواحد.

موقع رائع لحل مسائل الإرث للأولى باكالوريا



يعاني طلاب السنة اول بكالوريا كثيراا من درس الارث فيجدون صعوبات كبيرة في حل مسائل الارث 
لذلك فكر طاقم موقع اجوبتي و الذي انصحكم بمتابعته في تقديم حل للطلاب في هذا الدرس و يتمثل الحل في موقع رائع اسمه موقع المواريث الذي يقوم بحل مسائل الارث بسهولة تامة 
     اترككم مع شرح الموقع 
 

  رابط الموقع   http://almwareeth.com/

   و نتمنى لكم النجاح و التوفيق

درس العالم المتوسطي ما بين القرنين 15م و18م – مادة التاريخ – جذع مشترك علوم

Résultat de recherche d'images pour "‫درس العالم المتوسطي ما بين القرنين 15م و18م – مادة التاريخ – جذع مشترك علوم‬‎"

العالم المتوسطي ما بين القرنين 15م و18م

تقديم إشكالي:

ينكب موضوع التاريخ على معرفة التحولات المجتمعية التي عرفها العالم المتوسطي ما بين ق 15 وق 18م، التي انقسمت إلى مرحلتين حيث تميزت المرحلة الأولى بالتوازن بين ضفتي العالم المتوسطي خلال القرنين 15 و16م، وباختلال هذا التوازن في المرحلة الثانية خلال القرنين 17 و18م.
  • فما هو الإطار الزماني والجمالي لهذه التحولات؟
  • وما هي المفاهيم الفكرية والسياسية التي ارتبطت بهذه المرحلة؟

І – معرفة العالم المتوسطي وامتداداته المجالية ما بين ق 15 وق 18م:

1 – تحديد الإطار الزمني للتحولات العامة بالعالم المتوسطي:

يعد العصر الحديث الفترة الزمنية التي عرفت أهم الأحداث والتحولات بالعالم المتوسطي حيث تم اكتشاف العالم الجديد (أمريكا الشمالية 1492م)، واختراع المطبعة 1455م، انتصار السعديين في معركة وادي المخازن 1578م، إضافة إلى حدوث ثورات عديدة، الثورة  الإنجليزية 1688م، والثورة الفرنسية 1789م.

2 – توطين مجال العالم المتوسطي بضفته كمركز وامتدادات (ألمانيا، بريطانيا):

المجال المتوسطي هو كيان جيوتاريخي ويعد جبهة اتصال بين كيانات حضارية مختلفة تفاعلت فيما بينها وأنتجت ثلاث حضارات:
  • حضارة الغرب الإسلامي.
  • حضارة أوربا الغربية.
  • حضارة الإغريق.

ІІ – ظهور المفاهيم المرتبطة باستمرار التوازن واختلاله في العالم المتوسطي ما بين ق 15 و18م:

1 ـ معرفة مفهوم الحداثة في أروبا:

الحداثة تحول جذري عرفته المجتمعات الأوربية على كافة المستويات الفكرية والفنية والاجتماعية والدينية، مما ساهم في نقله نوعية غيرت عقلية العالم الغربي لتحرره من قيود القرون الوسطى.

2 ـ استمرار توازن العالم الأوربي والعالم الغربي ما بين ق 15 و16م:

لم يبقى العالم الإسلامي بعيدا عن هذه التحولات لا سيما في الميدان العسكري، حيث استمرت الهيمنة العثمانية بعد سقوط القسطنطينية عام 1453م، مما سمح باستمرار التوازن بين العالمين، أوربا الغربية والعالم الإسلامي.

3 – عرفت ضفتي العالم المتوسطي خلال القرنين 17 و18 عدة مظاهر احتلال التوازن:

ضعفت أسس القوة العثمانية خلال ق 17م بسبب ازدياد الضغوط العسكرية الأوربية وقوتها الحربية، ثم تحول أهم المحاور التجارية من البحر الأبيض المتوسط إلى المحيط الأطلنتي، فأصبحت الإمبراطورية العثمانية تعافي من أزمة مالية خطيرة أدت إلى حدود الإنتاج الاقتصادي بالعالم الإسلامي الذي حاول القيام بحركات إصلاحية للحاق بركب المجتمعات الأوربية، لكن دون جدوى إذ تعمق التفاوت واختل التوازن بين الضفتين.

خاتمة:

عرف العالم المتوسطي بضفتيه كمركز وامتدادات (بريطانيا، ألمانيا) خلال القرنين 15 و18م تطورات بفعل اتجاه أروبا نحو بناء الحداثة نتيجة عدة تحولات، ولم يبق العالم الإسلامي بعيدا عن بعض هذه التحولات مما سمح باستمرار التوازن بينه وبين أوربا الغربية إلى حدود نهاية القرن 16م.

درس التحولات الفكرية والعلمية والفنية (الحركة الإنسية) – مادة التاريخ – جذع مشترك علوم

Résultat de recherche d'images pour "‫درس العالم المتوسطي ما بين القرنين 15م و18م – مادة التاريخ – جذع مشترك علوم‬‎"

التحولات الفكرية والعلمية والفنية (الحركة الإنسية)

تقديم إشكالي:

عرف القرن 15 و16م تحولات متنوعة تجلت في الميادين الفكرية والعلمية والفنية التي ساهمت في انبثاق الحركة الإنسية.
  • فما هي الحركة الإنسية وخصائصها؟
  • وما هي الظروف التي ظهرت من خلالها والطرق التي ساعدت على انتشارها؟

І – معرفة أسباب التحولات الفكرية والفنية والعلمية:

1 – انطلاق التحولات من إيطاليا لتمتد إلى باقي دول أوربا الغربية:

شهدت إيطاليا عدة تحولات شملت مختلف الميادين الفكرية والعلمية والدينية وذلك لأسباب متنوعة، وهي كالتالي:
  • نظرا لموقعها الإستراتيجي وسط حوض البحر المتوسط حيث لعبت دور الوسيط بين آسيا وغرب أوربا مما أدى إلى ازدهار مدن إيطاليا المستقلة (فلورانسا، جنوة، البندقية …)، كذلك موقعها بين العالم الإسلامي وأوربا سمح بانتقال مظاهر الحضارة الإسلامية إلى أوربا.
  • بعد سقوط القسطنطينة على يد العثمانيين انتقل عدد من العلماء ومعهم العديد من المخطوطات والوثائق الإغريقية للاستقرار بالمدن الإيطالية، إضافة إلى وجود الآثار الرومانية التي أثارت اهتمام الإيطاليين للبحث في الجوانب الفنية والعلمية والهندسية للعالم اليوناني والروماني.
  • المدن الإيطالية كانت أكثر المدن الأوربية تجارة وصناعة مما أدى إلى تراكم الأرباح والثروات، وظهور مؤسسات بنكية ومالية، وأسر غنية مما أدى إلى تطور الحياة الثقافية والفنية.
  • رغبة الكنيسة في جعل روما عاصمة للعالم المسيحي، وقد ثم إنشاء التحولات التي عرفتها إيطاليا إلى باقي بلدان أوربا الغربية خلال القرنين 15 و16م، حيث امتدت هذه التحولات لتشمل كل من إسبانيا وفرنسا وانجلترا وألمانيا وبلجيكا.

2 – قيام أفكار الحركة الإنسية على إحياء التراث القديم:

الحركة الإنسية: هي حركة ساهمت في النهضة الأوربية بفكر جديد يمجد عقل وقوة الإنسان، وينتقد الكنيسة الكاثوليكية، فقد عمل الإنسيون على إحياء التراث القديم اليوناني واللاتيني، كما وضعوا القواميس العلمية للغة اللاتينية حيث سارت معرفة اللغات ركنا أساسيا في تكوين الثقافة الإنسية، وقد تزعم إيرازم الحركة الإنسية من خلال تقديمه للفلاسفة والمفكرين القدامى من “سقراط” و”شيشرون”، كما قام إيرازم بعدة رحلات تجاه مدن أوربية مختلفة مثل باريس، أكسفورد، البندقية …، وذلك بهدف نشر أفكار حركته، وقد شكل الإنسان محور الفكر الإنسي لقوة عقله وعضلاته الجسمانية.

3 – اتجاه الحركة الإنسية في نشر أفكارها اعتمادا على المطبعة:

  • أهداف الحركة الإنسية: قامت الحركة الإنسية بأحياء التراث القديم الإغريقي واللاتيني، وإعادة الاعتبار للإنسان وتخلصه من الوضعية المظلمة التي عاشها في العصر الوسيط.
  • نشر مطبعة غوتنبرغ أفكار وأهداف الحركة الإنسية: كان لاختراع الطباعة على يد يوحنا غوتنبرغ 1455م الدور الكبير في توفير الكتب المطبوعة بتكاليف أقل، حيث أصبح الكتاب في متناول الجميع بعد أن كان مقتصرا بين فئة الميسورين لغلاء ثمنه، مما ساهم في انتشار التحولات عبر القارة الأوربية واحتضان الحركة الإنسية من قبل بعض الملوك الأوربيين فرانسوا الأول ملك فرنسا الذي شجع هذه الحركة.

ІІ – عرفت التحولات الفكرية والعلمية والفنية عدة مظاهر:

1 ـ تنوعت مظاهر الحركة الفكرية:

ظهور المطبعة ساهم في توسيع المعرفة وكذلك الاهتمام بتطوير اللغات الوطنية والكتابة بها وطبع الكتب باللغة الفرنسية عوض اللغة اللاتينية (كتاب المحاولات لمونتافي) وترجمة الإنجيل إلى اللغة الألمانية “لوثر”، ثم العالم سرفنتس الذي نشر قصة “دون كيشوت” باللغة الإسبانية، كما تم وضع قواعد وأسس اللغات (الترجمة)، وتطوير أساليب ومضامين التعليم، حيث ظهرت الكتابة التي تأخذ طابع التسلية والمرح، إضافة إلى الاهتمام بكل العلوم وتطوير طرق التدريس بأوربا الغربية.

2 ـ انتشار الحركة الإنسية من خلال عدة تحولات علمية:

تجلت هذه التحولات في تطوير مناهج العلوم من خلال قيام المعرفة على أساس التجربة والمنطق وبالتالي ظهور قواعد الفكر العلمي الحديث، كما ثم تطبيق التجربة في مادة الرياضيات، وكذلك ظهرت التحولات العلمية في تطور علوم الفلك من خلال نظريتا بطليموس في القرن الثاني الميلادي التي تقول بأن الأرض ثابتة ومركز للكون، وكوبرنيك في القرن 16م التي تقول بأن الشمس مركز للكون والأرض كوكب يدور حولها إلى جانب كواكب المجموعة الشمسية، كما تم تطوير الطب وأساليب التشريح رغم معارضة الكنيسة وذلك بطباعة الكتب الطبية وإنشاء كلية الطب.

3 – تميزت الفترة بتحولات فنية مهمة:

  • في ميدان الرسم: انطلاق النهضة الفنية من إيطاليا ثم توسعت لتشمل المراكز في باقي المدن، من أهم فنانين عصر النهضة “ليوناردو دافينشي” الذي ركز على الأبعاد الثلاثة (العمق، الظل، الضوء)، وتميز الرسم عند الإفسينت بتنوع المواضيع والتركيز على الإنسان وإبراز نواحيه الجمالية.
  • في ميدان النحت: ارتباط تطوره بمحاولة تقليد القدامى الإغريق والرومان والتركيز على الإنسان وإبراز عضلاته وقوته، من أهم نحات هذه الفترة “مايكل أنجلو” و”دوناطيلو”.
  • في ميدان الهندسة: تميزت الهندسة المعمارية بالتناسب والتطابق والعلو واعتماد معايير مضبوطة وتميزت بالتوسع الأفقي.

خاتمة:

ارتبطت التحولات الفكرية والعلمية والفنية التي عرفها القرن 15 و16م بالحركة الإنسية، وكانت نقطة تحول لظهور تحولات همت جوانب أخرى (دينية، وسياسية، واجتماعية …).

درس التحولات السياسية والاجتماعية في أوربا خلال القرنين 15 و16م – مادة التاريخ – جذع مشترك علوم

Résultat de recherche d'images pour "‫درس العالم المتوسطي ما بين القرنين 15م و18م – مادة التاريخ – جذع مشترك علوم‬‎"

التحولات السياسية والاجتماعية في أوربا خلال القرنين 15 و16م

تقديم إشكالي:

مع بداية الحقبة الحديثة أخذت البورجوازية تحل تدريجيا محل الإقطاعية بأوربا في نفس الوقت تعزز الدور السياسي للدولة القومية.
  • فما هي الوضعية العامة للمجتمع الأوربي في نهاية الحقبة الوسيطية؟
  • وكيف ظهرت الطبقة البورجوازية؟
  • وما هي التطورات السياسية التي عرفتها إسبانيا وفرنسا وإيطاليا؟
  • وما هي وسائل الدولة القومية الحديثة؟

І – التحولات الاجتماعيـة بأوربا:

1 – تشكل المجتمع الأوربي في أواخر الحقبة الوسيطية من الطبقات الآتية:

  • النبلاء أو الفيوداليون أو الإقطاعيون: كبار الملاك في إطار الفلاحة التقليدية الذين كانوا يجمعون بين الثروة والسلطة، ويقومون بحماية كل من رجال الدين والفلاحين الصغار، وكانوا يمثلون نسبة قليلة من مجموع السكان.
  • رجال الدين أو الإكليروس: وقد تمتعوا بعدة امتيازات منها حمايتهم من طـرف النبلاء وحصولهم على الهدايا وإعفاؤهم من الضرائب، في المقابل كانوا يدعون لفائدة النبلاء والفلاحين الصغار، وكانوا أيضا يشكلون أقلية محدودة.
  • الفلاحون الصغار: (الأقنان) وكانوا يقومون بأعمال السخرة (أعمال إجبارية وبدون مقابل) لفائدة النبلاء ورجال الدين، كما كانوا مثقلين بأداء الضرائب، وقد شكلوا غالبية المجتمع الأوربي.

2 – ساهمت عدة عوامل في نشأة و تطور البورجوازية الأوربية:

في نهاية ق 12م وبداية ق 13م عرفت إيطاليا تحولات اقتصادية كبيرة تمثلت في الانتقال من الفلاحة التقليدية إلى مزاولة التجارة والأنشطة المالية، وبالتالي ظهرت لأول مرة الطبقة البورجوازية، وقد ساعدت التجارة البحرية على تطور البورجوازية الأوربية خلال القرنين 15 و16م.

ІІ – التحولات السياسية وبناء الدولة القومية الحديثة بأوربا:

1 ـ شهدت إسبانيا وفرنسا وإيطاليا تحولات سياسية في القرنين 15 و16م:

  • إسبانيا: في ق 15م توحدت إسبانيا بعد زواج فرديناند (ملك الأراغون) بإزابيلا (ملكة قشالة)، كما تم طرد العرب من الأندلس، وفي ق 16م أصبحت إسبانيا دولة عظمى خاصة في عهدي الملكين شارل الخامس وفيليب الثاني.
  • فرنسا: مثل النصف الأول من ق 15م الشطر الثاني من حرب المائة سنة التي دارت بين فرنسا وإنجلترا، وفي الفترة الممتدة من مطلع ق 15م إلى منتصف ق 16م ثم توحيد فرنسا تدريجيا، وبالتالي أصبحت فرنسا قوة كبرى في العالم.
  • إيطاليا: كانت إيطاليا مجزأة إلى عدة إمارات من أبرزها البندقية، فلورانسا، جينوة، ونابولي، وقد تمركزت ممتلكات الكنيسة الكاثوليكية في الجزء الأوسط من إيطاليا (منطقة روما).

2 ـ اعتمدت الدولة القومية الحديثة بأوربا على وسائل متعددة:

مع بداية العصر الحديث أخذت الدولة القومية بأوربا تحل تدريجيا محل الدولة الإقطاعية، وقد قامت الدولة القومية الحديثة على بعض الأسس من أبرزها:
  • الملكية المطلقة: حيث كان الملك يجمع السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، ويمنع الحريات العامة.
  • البيروقراطية: احتكار الأقلية الحاكمة السلطة التقريرية.
  • تقوية الأجهزة الإدارية والعسكرية والجبائية.

خاتمة:

شكلت التحولات الاجتماعية والسياسية قفزة كبرى في تاريخ أوربا وواكبتها بعض الأحداث من أهمها الاكتشافات الجغرافية.

درس الاكتشافات الجغرافية وظاهرة الميركنتيلية – التاريخ – جذع مشترك علوم

Résultat de recherche d'images pour "‫درس العالم المتوسطي ما بين القرنين 15م و18م – مادة التاريخ – جذع مشترك علوم‬‎"

الاكتشافات الجغرافية وظاهرة الميركنتيلية

تقديم إشكالي:

اهتمت أوربا خلال القرنين 15 و16م بدوافع اقتصادية ودينية للقيام بالاكتشافات الجغرافية الكبرى، مما مكنها من الوصول إلى الهند واكتشاف عوالم جديدة ترتب عنها نتائج هامة غيرت مسار العلاقات التاريخية في أوربا والعالم، كما أدت إلى ظهور طبقة بورجوازية مركنتيلية.
  • ما طبيعة الاكتشافات الجغرافيا وامتدادها المجالي خلال القرنين 15 و16م؟
  • ما دوافعها ونتائجها الدالة على التحولات التي عرفتها أوربا والعالم عقب ذلك؟
  • ما خصائص الميركنتيلية كلبنة أساس للفكر الاقتصادي آنذاك؟

I- ارتبطت الاكتشافات الجغرافية الكبرى بعدة دوافع وامتدت في مجال شاسع خلال القرنين 15 و16م:

1 – كانت وراء الاكتشافات الجغرافية دوافع اقتصادية وتقنية وعلمية:

  • استمر التجار الإيطاليون في جلب المواد الشرقية لكن بتكاليف أكبر، مما زاد في ارتفاع أثمانها وقلص بالتالي من أرباح التجار الأوربيين، ولتحقيق أرباح أكثر عمل الأوربيون على البحث للوصول إلى مناطق الإنتاج دون المرور بالوساطة العربية الإيطالية، فكانت الرغبة في تجاوز هذه الوساطة من أهم دوافع الاكتشافات، إضافة إلى رغبتهم للوصول إلى المعادن النفيسة خاصة الذهب.
  • التطور الاقتصادي والديمغرافي نتج عنه رواج تجاري خلف الحاجة إلى المعادن النفيسة.
  • تزايد الحاجة إلى الذهب خلف مجاعة نقدية بعد استنزاف مناجم الفضة لأوربا، وعجز المغرب عن توفير الحاجيات المتزايدة، فنتج عن ذلك تضخم مالي كبير أدى إلى أزمة اجتماعية واقتصادية مست بمصالح التجار والبلاد والكنيسة.
  • ساعد تقدم المعارف الجغرافية وتقنيات الملاحة على إنجاح الاكتشافات لاسيما بعد تعرف الأوربيين على جغرافية القدامى بواسطة الحرب، وعلى الشرق بواسطة المذكرات التي كتبها المبشرون، كما تم صنع الكارافيلا واختراع البوصلة والإسطرلاب، بالإضافة إلى وضع الخرائط البحرية.

2 – تجلت الدوافع الدينية والسياسية للاكتشافات الجغرافية فيما يلي:

دعمت البابوية المسيحيين بالعطاءات والامتيازات حيث كان لها دور كبير في حثهم على الخروج لمواجهة المسلمين والقضاء عليهم، والاستفادة من الاكتشافات الجغرافية، حيث كان لذلك أثر إيجابي على نشر الديانة المسيحية، وقد استفاد من كل هذا بشكل كبير البرتغال والاسبان اللذين حصلوا على أموال طائلة.

II – كان لنتائج الاكتشافات الجغرافية أثر كبير على أوربا والعالم خلال القرنين 15 و16م:

1- نتج عن الاكتشافات الجغرافية حركة استعمارية شرسة قادها البرتغال والإسبان:

تمكن البرتغال من الوصول إلى مناجم الذهب والفضة والدقيق بإفريقيا والشرق الأقصى، فكونت مستعمرات واسعة، وكان المغرب المتضرر الأول، حيث أصبح يعاني من المزاحمة البرتغالية التي تمركزت بسواحل غرب إفريقيا، وأصبحت تتعامل مباشرة مع السودانيين، كما عمل البرتغاليون على إبادة سكان المستعمرات، وذلك عن طريق اللجوء إلى وسيلتين: الأولى تتمثل في الحروب القاسية الظالمة التي شنت ضد الأمم الضعيفة، أما الوسيلة الثانية فتتجلى في الاستغلال والاسترقاق والاستعباد.

2 – خلفت الاكتشافات الجغرافية نتائج مختلفة على أوربا والعالم:

  • نتائج اقتصادية: تمثلت في سيطرة الأوربيين على رواج التجارة العالمية بين القارات وانتعاش الموانئ الأطلسية، (لندن، بوردو، أنفرس) على حساب موانئ البحر الأبيض المتوسط (جنوة، البندقية)، وتجارة القوافل الصحراوية (المغرب)، فتدفقت ثروات هائلة على أوربا مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بالإضافة إلى استنزاف ثروات وخيرات المنطقة.
  • نتائج سياسية ودينية: تمثلت في انتشار الديانات المسيحية (كاثوليكية، بروتستانتية)، وتكوين إمبراطوريات واسعة برتغالية واسبانية على حساب المستعمرات.
  • نتائج اجتماعية: نقص سكان المستعمرات بسبب الإبادة والاسترقاق والاستعباد وانتهاك كرامة الإنسان، وتدني عيش العمال والحرفيين والفلاحين بسبب ارتفاع الأسعار، ثم استغلال الثروة والغنى من الطبقة الديمقراطية إلى بورجوازية، وتدفق هائل للمهاجرين والمغامرين والمضطهدين نحو العالم الجديد.
  • نتائج ثقافية وفكرية: تمثلت النتائج الثقافية في تقديم العلوم الجغرافية كإثبات كروية الأرض، ووضع خرائط جديدة للعالم، وانهيار المعلومات الجغرافية للعصر الوسيط، أما النتائج الفكرية فقد تجسدت في ظهور المذهب الميركنتيلي.

III – نظمت المركنتيلية الحياة الاقتصادية والاجتماعية لأوربا خلال القرنين 15 و16م:

1- تعريف المركنتيلية التجارية:

تأسس المذهب الميركنتيلي وهو تيار فكري ظهرت بوادره في ق 15م واستمر إلى ق 18م، والميركنتيلية مصطلح ينسب إلى كلمة “مركنتي” الإيطالية، وتعني تاجر، يقوم هذا الفكر على مبدأين أساسين: أولهما يربط قوة الدولة بمدى ما تتوفر عليه من معادن نفيسة، ويقوم المبدأ الثاني على توجيه الدولة للاقتصاد، وذلك بخلق صناعات محلية لضمان القدرة على مواجهة المنافسة الخارجية وضمان الأسواق، مما يفرض عليها ضرورة مراقبة جودة المنتوجات الصناعية عن طريق سن قوانين صارمة.

2 – اختلفت خصائص ومظاهر الفكر الميركنتيلي حسب سياسية الدولة:

  • فرنسا ==> الاهتمام بالصناعة كأساس لجلب وجمع المعادن النفيسة.
  • إنجلترا ==> أسست شركات تجارية كبرى في المستعمرات، وفرضت قوانين ملاحية لحماية التجارة ==> اهتمت بالنفائس المعدنية.
والنتيجة كانت هي تحقيق فائض في الميزان التجاري عن طريق تراكم المعادن النفيسة في خزائن كل من فرنسا وانجلترا، وعلى نقيض ذلك تراجع هذا الرصيد بإسبانيا، وتفشت ظاهرة التهريب لهذه الثروة.

خاتمة:

لقد فتحت الاكتشافات الجغرافية أمام الأوربيون العديد من الأسواق الجديدة، وحركت التجارة البعيدة وساهمت في تراكم الأموال وبروز دور الطبقة البورجوازية في توجيه الاقتصاد الأوربي نحو رأسمالية تجارية كبرى.

درس المد الإسلامي (امتداد النفوذ العثماني وبداية التدخل الأوربي) – مادة التاريخ – جذع مشترك علوم

Résultat de recherche d'images pour "‫درس العالم المتوسطي ما بين القرنين 15م و18م – مادة التاريخ – جذع مشترك علوم‬‎"

المد الإسلامي (امتداد النفوذ العثماني وبداية التدخل الأوربي)

تقديم إشكالي:

خلال القرنين 15 و16م شكل العالم الإسلامي مجالا لاختبار موازين القوى بين العثمانيين والأوربيين، وامتد الصراع بين الطرفين ليشمل مناطق تجاوزت البحر المتوسط لتصل وسط أوربا ومنطقة المشرق العربي.
  • فما هي أسباب امتداد النفوذ العثماني والأوربي؟
  • وما هي مراحل توسع كل منهما؟

І – أسباب ومراحل امتداد النفوذ العثماني خلال القرنين 15 و16م:

1- تعددت أسباب امتداد نفوذ العثمانيين:

تتجلى هذه الأسباب في رغبة العثمانيين في السيطرة على مدينة القسطنطينية 1453م، واتخاذها عاصمة لإمبراطوريتهم لتأمين المواصلات بين مناطق نفوذهم الآسيوية والأوربية، كما عمل الأوربيون أيضا للرد على المحاولات البرتغالية الهادفة إلى خنق الاقتصاد العثماني والسيطرة على تجارة البحر المتوسط.

2 – دوافع امتداد النفوذ العثماني بالعالم الإسلامي:

سعى العثمانيون إلى مواجهة التدخل الإسباني والإيطالي بشمال غرب إفريقيا، ومواجهة التدخل البرتغالي ببحر عمان، والبحر الأحمر، والمحيط الهندي، وكذا السيطرة على الشرق الأقصى والهند، إضافة إلى حماية الحرمين الشريفين.

ІІ- ساهمت عدة عوامل في توسيع نفوذ الدولة العثمانية خلال ق 15 و16:

1 – مراحل امتداد النفوذ العثماني بأوربا:

استولى السلطان العثماني محمد الفاتح على القسطنطينية لأهميتها الإستراتيجية والتجارية، كما ضم العثمانيون سنة 1463م منطقة البوسنة، واستطاعت جيوش السلطان سليمان القانوني دخول مدينة بودابست عاصمة بلغاريا بعد هزم الجيوش الأوربية في معركة موهاكس استعدادا للهجوم مستقبلا على النمسا وألمانيا، كما تم إخضاع جزر قبرص، وكريت، ورودس سنة 1573م.

2 – مراحل امتداد النفوذ العثماني بالعالم الإسلامي:

هاجم السلطان سليم الأول إيران وانتصر على الشاه إسماعيل في معركة “جال ديرات” سنة 1514م بسبب احتلال الإيرانيين للعراق، ونشر مذهبهم الشيعي بالمنطقة، كما استغل السلطان ضعف االمماليك فاحتل الشام بانتصاره في معركة مرج دابق سنة 1516م، كما ضم مصر والحجاز، فأصبح العثمانيون يحمون الحرمين الشريفين، وخلال سنة 1518م تمكن العثمانيون من ضم الجزائر، وأخضعوا أيضا تونس لحكمهم سنة 1575م بعد هزم الحفصيين، والقضاء على الوجود الإسباني بالمنطقة.

ІІІـ أسباب ومراحل بداية التدخل الأوربي ونتائجه في العالم الإسلامي خلال ق 15 و16م:

1 ـ أسباب التدخل الأوربي بالعالم الإسلامي:

ارتبطت بداية التدخل الأوربي بالعالم الإسلامي بعدة أسباب، منها: الموقع الاستراتيجي لبعض البلدان العربية والإسلامية، كالمغرب الذي يطل على المحيط الأطلنتي والبحر المتوسط، وشبه الجزيرة العربية التي تعتبر نقطة إلتقاء بين أوربا وإفريقيا وآسيا، مما يسمح بمراقبة طرق التجارة العالمية.

2 ـ مراحل بداية التدخل الأوربي في العالم الإسلامي خلال ق 15 و16م:

  • المغرب الأقصى: ركز البرتغال في احتلاله للسواحل المغربية خلال المرحلة الأولى على الثغور الشمالية باستعمال القوة، في حين أخضع المناطق الجنوبية بنهجه الأسلوب السياسي والديبلوماسي.
  • المغرب الأوسط: ركز الإسبان على المدن الساحلية كتلمسان لتأمين الطريق البحري الرابط بين إسبانيا وممتلكاتها بالبحر الأبيض المتوسط.
  • المشرق العربي: احتل البرتغال الطريقين العالميين عبر الشرق الأدنى نحو أوربا، وهما طريق الخليج العربي وطريق البحر الأحمر، اللذان تتحكم فيهما (مضيق “هرمز” و “باب المندب”)، حيث استطاعوا التحكم في طرق التجارة الشرقية.

3 – ترتب عن التدخل الأوربي في العالم الإسلامي مجموعة من النتائج:

فقد المغرب أهميته التجارية (تجارة القوافل الصحراوية) بعد هيمنة البرتغال على مصادر الإنتاج بالجنوب، نفس الضرر لحق بالمشرق العربي من خلال القضاء على الوساطة العربية بين أوربا والمناطق الآسيوية المنتجة للتوابل والحرير، كما أدى التدخل الأوربي بالعالم الإسلامي إلى اندلاع المقاومة ضد الاحتلال الأجنبي بتوجيه من العلماء، أما بالمغرب فقد ظهرت الدولة السعدية التي حملت لواء الجهاد ضد الأيبيريين، وتجلى ذلك واضحا خلال انتصارهم على البرتغال في معركة وادي المخازن سنة 1578م.

خاتمة:

تنازعت العالم التوسطي ابتداء من القرن 15م قوى إسلامية وأوربية، انتهى الصراع بسقوط العالم الإسلامي تحت سيطرة إحدى القوتين، ماعدا المغرب الذي ظهرت به الدولة السعدية.

درس التطورات الاجتماعية والسياسية في العالم الإسلامي – مادة التاريخ – جذع مشترك علوم

Résultat de recherche d'images pour "‫درس العالم المتوسطي ما بين القرنين 15م و18م – مادة التاريخ – جذع مشترك علوم‬‎"

التطورات الاجتماعية والسياسية في العالم الإسلامي

تقديم إشكالي:

تزامن امتداد النفوذ العثماني بالضفة الجنوبية مع ظهور السعديين بالمغرب، وارتبط ذلك بتحولات سياسية وعسكرية فرضت على العالم الإسلامي ضرورة التحرك للحفاظ على كيانه السياسي، والدفاع عن كيانه الترابي بكل الوسائل الممكنة.
  • فما هي الوسائل الإدارية والعسكرية التي عملت على تحقيق هذه الغاية؟
  • وكيف أصبح الوضع الديني والاجتماعي في ظل هذا الظرف خلال القرنين 15 و16م؟

I – طبيعة النظام السياسي والإداري والعسكري للإمبراطورية العثمانية خلال ق 15 و 16م:

1- اعتمد العثمانيون على جهاز إداري مركزي ومحلي:

أ – الجهاز الإداري المركزي:
تشكلت الإدارة المركزية من العناصر الآتية:
  • الباب العالي: وهو أعلى سلطة، تتجسد في قوة السلطان المستمدة من قوة جيشه، وهذا اللقب كان يطلق على الحكومة العثمانية، ويعني في الأصل “قصر السلطان”، وقد لقب السلطان العثماني بعدة ألقاب “البرين” و”البحرين” حاميا الحرمين الشريفين، وكانت له سلطة مطلقة (تنفيذية، تشريعية، وقضائية، باستثناء الأمور الإسلامية).
  • الصدر الأعظم: أعلى منصب بعد السلطان، وهو رئيس الوزراء، ورئيس الديوان، يعين الجيش وجميع المناصب الإدارية المركزية أو الإقليمية.
  • الدفتر دار: المكلف بالشؤون المالية وحساب مواردها ومصاريفها، وهو يلي الصدر الأعظم، يتمتع بحق تقديم العرائض المالية للسلطان.
  • الكاهية باشا: الموظف العسكري الذي يتكلف بتسيير الشؤون العسكرية للإمبراطورية.
  • الشاوس باشا: موظف ينفذ الأحكام القضائية التي يصدرها القضاة.
  • رئيس الكتاب: هو كاتب السلطان مهمته جمع القوانين.
  • مجلس الديوان: يشرف على تسيير الشؤون العامة للدولة، وهو أهم مجلس يقدم اقتراحات للسلطان أو للصدر الأعظم.
  • شيخ الإسلام: إصلاح الفتاوى الشرعية.
كان للانتماء المجالي تأثير كبير على وضعية ومكانة صاحب منصب ما، ويتمثل ذلك في تراتبية أجهزة الدولة العثمانية، وفيما يخص بروتوكول الاستقبال، فقاضي الرميلي كان أقرب وأعلى مكانة للسلطان من قاضي أناضول، هذان القاضيان أول من يدخل على السلطان، يليهما الوزير الأعظم والثاني والثالث ثم رئيس الكتاب ورئيس بيت المال، ولا يرى غيرهم.
ب – الجهاز الإداري المحلي في الإمبراطورية العثمانية:
كانت الدولة العثمانية تنقسم إلى مقاطعات (سناجق)، وعلى رأس كل مقاطعة وال “سنجق بك” له اختصاصات عسكرية وإدارية يساعده ديوان وصوباشي (وهو ضابط أمن بصفة أساسية)، وبعد اتساع أطراف الإمبراطورية أصبحت تضم ألوية جديدة كان من الصعب ربطها بالعاصمة، فاضطرت الدولة إلى ضم عدد منها في ولاية واحدة، وعين على كل رأس ولاية أمير أمراء الألوية (بكلر بك).

2 – ساهم الجيش في تركيز نفوذ الدولة العثمانية:

أ – العناصر المكونة للجهاز العسكري في الإمبراطورية:
كانت عناصر الإنكشارية تتلقى تربية إسلامية، وكان هناك قانون داخلي نظم علاقات هذه العناصر مع بعضها البعض، ومنع الزواج طيلة مدة الخدمة العسكرية، وفرض عليها الطاعة المطلقة، مما جعل عناصر هذا الجيش تفقد روابطها الأصلية دون أن تستطيع اكتساب روابط جديدة، مما أحيا لديها روح الجماعة المهنية، وروح الولاء لعرش السلطان، كما كانت عناصر الإنكشارية تتكون من أسرى الحرب، وأصبحت الإنكشارية في نهاية ق 15م من أهم الفيالق العسكرية التي تسترد إليها الدولة، وقد أبان هذا الجيش في مرحلة قوة الدولة العثمانية عن انضباط كبير وقوة دفاعية أكسبتها هيبة كبيرة في الداخل والخارج، ومن وظائف السباهية أنهم كانوا يشكلون ما يسمى بالتيمار العسكري، وهو نظام يمكن جيش السباهية (الخيالة) من إدارة الأراضي الزراعية (التيمارات) التي تسلم لهم مقابل خدماتهم في الجيش، ويقومون أيضا بجمع الضرائب من الفلاحين، ولا يتلقون أجورهم من الخزينة العثمانية، والسباهية كانوا أكثر عددا ويتوفرون على امتيازات اجتماعية أحسن من الإنكشارية، فالجيش كان يقوم بأدوار تتمثل في المحافظة على الأرض والاستقرار وقمع الثورات.
ب – التجهيزات والمعدات العسكرية العثمانية:
استخدم الجيش العثماني السلاح الناري منذ ظهوره وانتصرت فرقته المدفعية، كما انتصر بقوته العسكرية، إلا أنه تلقى هزيمة من طرف البنادقة في غاليبولي سنة 1416م، الشيء الذي حملهم على التفكير جديا في إنشاء أسطول بحري، وتجهيزه تجهيزا محكما من أجل حماية شواطئهم وفرض سيادتهم في البحر الأسود والبحر المتوسط، ومواجهة القرصنة، ودعم حركة الجهاد البحري ضد المسيحيين.

II – معرفة طبيعة الدولة والنظم السياسية والإدارية في المغرب خلال العهد السعدي خلال ق 16م:

1 – طبيعة التنظيم السياسي والإداري بالمغرب خلال العهد السعدي:

أ – في المجال السياسي:
تميز المغرب خلال حكم الوطاسيين بالتجرئة والتفكك السياسي، إذ لم يعد نفوذ الدولة يتجاوز القسم الشمالي ما بين واد أم الربيع وطنجة، مما أثار قبائل ضدها، هذا بالإضافة إلى الكوارث الطبيعية التي عرفتها المرحلة، حيث توالت سنوات الجفاف والمجاعة، ثم تفشي داء الطاعون، فانقسم المغرب إلى عدة إمارات، وقد شن الإيبيريون (البرتغاليون والإسبان) هجمة استعمارية على المغرب شملت السواحل الأطلسية والمتوسطية احتلت على إثرها سبتة من أجل السيطرة على التجارة الدولية للمواد النفيسة واستغلال السودان، كما شكلت عبدة ودكالة المصدر الأساسي للتزود بالحبوب، في خضم هذه الأوضاع تأسست دولة السعديين، التي وضعت حدا للأطماع العثمانية، وانتصرت على البرتغاليين في معركة وادي المخازن سنة 1578م، وقامت بضم بلاد السودان (إفريقيا السوداء خاصة الغربية) في عهد السلطان أحمد المنصور الذهبي.
ب – في المجال الإداري المركزي:
تشكلت الإدارة المركزية  لدولة السعديين من العناصر الآتية:
  • السلطان: الذي كان يجمع بين السلطتين الدينية والدنيوية.
  • الحاجب: المسؤول الأول عن الحكومة وينظم الاتصال بين السلطان والولايات.
  • صاحب المظالم: يتلقى الشكايات ويرفعها إلى السلطان للبث فيها.
  • صاحب خزائن الدار: المشرف على أموال الدولة بقصر السلطان.
  • كاتب السر: يحافظ على سر الدولة.
كان السلطان يترأس الجهاز الإداري، وحمل كل ألقاب السلطة اعتبارا للأصل العربي السعدي، ونسبهم الشريف، واتخذ المغرب المركزي في عهد أحمد المنصور شكل جهاز سياسي إداري قوي شمل إلى جانب السلطان عدة مناصب عليا.
ج – أهم المناصب في الإدارة الإقليمية:
  • خليفة السلطان: من أبناء الأسرة الملكية، الوالي أو العامل في الإقليم.
  • القاضي: يصدر الأحكام
  • عمال الخراج: يجمعون أعشار المنتوجات الفلاحية.
  • شيخ القبيلة: يسهر على أمن الطرق بالمنطقة.
  • صاحب الشرطة: يحافظ على الأمن، و ينفذ العقوبات.
  • أمناء الحرف: يتدخلون للتحكيم من أجل جل النزاعات.
بالنسبة للإدارة المحلية أو الإقليمية فقد خضعت بدورها لتنظيم يدل على تطور واستقرار مؤسسات الدولة، وعن حرصها على بسط نفوذها، فتم توزيع البلاد إلى 12 ولاية أو إقليم، أسندت إدارتها لعناصر تحظى بثقة المخزن.

2 – إبراز أهمية المؤسسات العسكرية في الدولة السعدية خلال ق 16:

تنوعت العناصر المكونة للجيش السعدي والتي تمثلت في أفراد القبائل المغربية وخاصة قبائل سوس، بالإضافة إلى العرب ذوي الأصول الأندلسية (الموريسكيون)، والأتراك، والأوربيين، كما أنشأ السلطان أحمد المنصور الأسطول الحربي، وعمل على تحصين بعض الموانئ خاصة العرائش والرباط وسلا، وقد تعددت مداخيل الدولة السعدية في عهد أحمد المنصور، إذ شملت الضرائب، والرسوم الجمركية، وعائدات تجارة القوافل، ومصانع السكر، واستغلال المناجم، بالإضافة إلى غنائم معركة وادي المخازن.

IIІ ـ  طبيعة الأوضاع الدينية والاجتماعية في العالم الإسلامي خلال 15 و16م:

1 ـ الأوضاع الدينية والاجتماعية في الإمبراطورية العثمانية:

كانت الإمبراطورية العثمانية تجمع بين شعوب متعددة الأعراق والديانات والثقافات، وتتكون من ولايات لكل منها تراثها التاريخي المختلف، مما فرض عليها ضرورة تبني التسامح الديني، وعدم الإقصاء، وحماية الاستقلال، وتمثل هذا التنوع الثقافي في:
  • انتشار الديانة المسيحية الأورتودكسية بعد ضم القسطنطينية.
  • المذاهب السائدة في الإمبراطورية هي المذهب السني مما يفسر خلافهم المستمر مع الصفويين الشيعة.
  • انتشار المذهب الحنفي بشكل كبير داخل الإمبراطورية وتهميش المذهب المالكي.
  • تعدد الطرق الصوفية رغم معارضة فقهاء السنة لها نظرا لمساهمتها في إحياء الحماس الديني إبان أول مراحل التوسع العثماني وخاصة فرقة الدراويش، على العموم كانت لدوي المناصب الدينية امتيازات عديدة: إعفاءات من الضرائب، مناصب مهمة أملاك وضيعات …
  • شكلت الديانة الإسلامية أهم ديانة لأغلب السكان، وحظي رجال الدين بمكانة هامة مما أدى إلى خضوعهم للهرمية، المفتي الأكبر أو شيخ الإسلام، قاضيا (الرملي والأناضول) …

2 ـ مظاهر الأوضاع الدينية والاجتماعية في المغرب السعدي خلال ق 16م:

  • الأوضاع الدينية: لعبت الزوايا دورا كبيرا كمؤسسة دينية اجتماعية: نشر العلم والمعرفة، مركز للصلاة والذكر والأدعية، تقوم بدور تربوي مهم في الأوساط الشعبية، ومأوى للمحتاجين وعابري السبيل، كما تعتبر الزاوية الجزولية من أهم الزوايا خلال هذه المرحلة وعنها تفرقت أهم الزوايا.
  • الأوضاع الاجتماعية: تنوعت العناصر السكانية للمغرب خلال عهد السعديين، فالأتراك والأوربيون، عملوا بالجيش، أما السودانيون فقد عملوا في القصور والحقول وأوراش البناء ومعاصر السكر، والأندلسيون عملوا بالتعليم والطب ووظائف متنوعة، وفي القرى مارسوا الزراعة والغراسة، وقد انقسم المغاربة إلى فئتين: فئة ذوي الامتيازات، وقد شملت رجال الحكم، رؤساء القبائل، أعيانها ومشايخها احتكروا التجارة والصناعة، واستفادوا من مجموعة من الامتيازات على شكل عطاءات وإقطاعات، وفئة عامة، وقد شملت الفلاحين الصغار والعمال في الفلاحة، مما سيؤدي إلى تمرد القبائل والسكان نتيجة التفاوت الطبقي الكبير وإثقالهم بالضرائب لاسيما بعد توالي الكوارث الطبيعية مما أدى إلى تضرر هذه الفئة الاجتماعية الصغيرة، كما لعبت المرأة في المجتمع السعدي عدة أدوار سواء على المستوى الفكري أو العلمي والاجتماعي، (مساجد- مرافق اقتصادية …).

خاتمة:

أدت التحولات السياسية بالبحر الأبيض المتوسط خلال القرن 16م إلى تقوية العثمانيين والسعديين للأجهزة الإدارية والعسكرية، والحفاظ على الخصوصيات الدينية والاجتماعية لضمان الصمود في وجه المد المسيحي الأيبيري.